مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل يستطيع الخلق أن يفعلوا غير ما يعلم الله أنه كائن]

صفحة 88 - الجزء 1

  فإن قالوا: نعم.

  فقل: إنا كذلك نقول إن الله قد علم ما هو كائن من العباد قبل أن يكون منهم، فليسوا يستطيعون تغيير ما علم الله، فهذا قولنا، ولا تتركهم يتحولون، ولا يُدخِلون وجهاً في وجه آخر، والزم كل مسألة منها إلى منتهي قَوَدها، فإنه أقدر لك على حاجتك منهم.

  الجواب قال أحمد بن بجي ª: هذا الكلام إعادة منك في السؤال عن باب العلم، وقد مضى في الجواب منّا إليك في المسألة التي قبل هذه ما فيه كفاية، غير أنا لا بد أن نجيبك، ونحن نعلم أن أحداً من أهل القبلة لا يصدّقك أن أحداً يقول: إن الله ø يجهل بعض الأشياء ولا يعلمه، وإنا - زعمتَ - إن قلناه أمكنّا من أنفسنا، وليس ذلك قولنا، ونحن أهل التوحيد الصحيح، الذي وُرث عن الأنبياء À، وعن أئمة الهدى $، ولولا نحن لظهرت الزنادقة في البلاد، ودعوا إلى دينهم صراحاً.

  وأما قولك: إن العباد لا يستطيعون أن يأتوا بغير ما علم الله، فهذا قولك - زعمت - واعتقادك، وتقول لصاحبك: أن لا يتركنا نتحوّل عنه. فهذا قليل من جهلك وغلطك، كيف لا يتركنا أن نحتجّ عن مذهبنا، وتقطع من خالف الحق بنور الله ø ولطفه، إذ زعمتَ أن من علم الله جل ثناؤه منه أنه لا يستطيع أن يأتي بغير ما علم الله منه، فلِمَ نَدَبَه إلى ترك ما علم منه من عبادته للأصنام، وأكله للحرام، وظلمه للأيتام، واكتسابه للآثام، إذ كان العلم هو الذي حال بينه وبين اتباع الرسل، وإجابة الكتب، والدخول تحت لواء الإسلام.

  وقلت: هل يستطيع أحد أن يفعل خلاف ما علم الله ø منه؟