مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة هل كلف الله العباد أن يعلموا أنهم مخلوقون]

صفحة 134 - الجزء 2

  والخالقات عند العرب: النساء الدابغات لأُدم، وهن الفاريات للأُدم أيضا. وقال زهير بن أبي سلمي بمدح هرم بن سنان بن أبي حارثة الغطفاني:

  وأراك تفري ما خلقت وبعض ... القوم يخلق ُثم لا يفري

  فهذا الشاهد من لغة العرب، والذي قلت فأمرٌ لا يجوز أن يرى العباد أنهم خلقوا ما لم يخلقوا، لأن هذا أمر يستحيل، وإذا استحالت الأشياء في عقول الخلق - كا وصفت - - سقطت عنهم الحجة، لما دخل في العقول من الفساد.

  فأما أن يقولوا قولا بالمكابرة والظلم واتباع الهوى، وهم يعلمون عند أنفسهم غيره، وذلك في الصحيح في عقولهم، فهذا ما لا يجوز غيره. فافهم ما قلنا، فإن الحق لا يشوبه الباطل.

  ومن الحجة لنا عليك في أن العباد يستطيعون ويقدرون أن لا يعلم الله ø منهم الكفر ولا الشرك، ولا شيئا من جميع الظلم، قوله لنبيه ÷: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}⁣[الأعراف: ١٥٨]. فنقول لك: أخبرنا عن هذه الآية، أهي على الحقيقة من قول الله ø أنه أرسل رسوله إلى الناس جميعا، أم هي آية يجوز تأويلها عندكم أنها إلى بعض الناس دون بعض؟!

  فإن قلت: نعم، إنه يجوز تأويلها إلى بعض الناس دون بعض، أكذبك جميع أهل القبلة من الفِرق كلها، وأكذبك الله ø بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}⁣[سبأ: ٢٨]، والكافة في لغة العرب هي: العامة، للكل لا خصوص فيها.

  ثم نقول لك: أخبرنا هل أراد رسول الله ÷ من الخلق كلها أن