[شبهة هل كلف الله العباد أن يعلموا أنهم مخلوقون]
  يجيبوا، دعوته ويدخلوا في الاسلام، حتى لا يتخلف منهم أحد، أم لم يُرد ذلك؟ وهل أَمَرَه الله ø بدعاء الجميع، أم لم يأمره إلا بدعاء البعض؟
  فإن قلت: إن الله ø أمره بدعاء البعض دون البعض، كان هذا هو الكفر والرد للقرآن صراحا.
  وإن قلت: إن الله جل ثناؤه قد أمره بدعاء الناس جميعا إلى الإسلام، على ما نجده منصوصا في القرآن، وأراد ذلك منهم رسول الله ÷، لزمك أن الله ø أراد إسلامهم كلهم، وبطل قولك، وسقطت حجتك أنه - زعمت - أراد منهم الكفر لعلمه أنهم لا يؤمنون.
  ولو كان كما قلت حقا، لم يقل لهم رسول الله ÷ عن الله جل ثناؤه: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف: ١٥٨]، ولم يُقِم الرسول ÷ كلهم الحجة، وقد علم أن منهم من لا يؤمن، وأن الله ø قد علم أن منهم من لا يؤمن، فقد صح أن العلم ليس هو الذي منعهم، ولا حال بينهم وبين الطاعة. وفي أقل من هذا كفاية لقوم يعقلون، والحمد لله رب العالمين.
  ومن الحجة عليكم أيها المجبرة في قولكم: إن الله تبارك وتعالى خلق الكفر والشرك، والزنا واللواط، وقتل الأنبياء وأئمة الهدى، وقطع الطرق، وجميع الفواحش والكذب، أن نقول لكم: أخبرونا كيف جوابكم للزنادقة واليهود والنصارى، إذا سألوكم فقالوا لكم: نحن نجد في كتابكم وتحتجون علينا أن ربكم قال لنبيكم: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}[فاطر: ٣]، يخبر أنه لا خالق معه يخلق ما خلق، وأنه هو الذي خلق، وأنه لا خالق معه يخترع الأشياء، ويقدر على الأشياء أليس هذا هو الحق عندكم وفي كتابكم؟!
  فلا بد لكم من نعم.