[شبهة هل كلف الله العباد أن يعلموا أنهم مخلوقون]
  فإذا قلتم ذلك، قالوا لكم: فأخبرونا الآن عن قوله يضيف إلى عباده {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}[العنكبوت: ١٧]، هل نجد هذا في كتابكم؟ فإن قلتم: نعم.
  قالوا لكم: أفليس هذا القول قد دل على أن ثَمّ خالقا آخر غيره يخلق الإفك، هذا نجده في قرآنكم الذي تدعون أنه من عند حكيم عادل، حيث يقول: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ٨٢}[النساء]، أهذا - زعمتم - في قرآنكم؟
  فلا بد لكم أن تجيبوهم بنعم.
  فيقول لكم السائل عند ذلك: فأي اختلاف يكون أعظم من هذا الاختلاف؟! وأي مناقضة تكون أعظم من هذه الماقضة؟! إذ قال ربكم - زعمتم - {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}[فاطر: ٣]، ثم قال يعنف قوماً: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}[العنكبوت: ١٧]، فلا بد لكم أنكم قد لزمتكم المناقضة والاختلاف، لأن هذا بَيِّن واضح في القرآن، لا حيلة لكم في دفعه ولا رده.
  فإن قلتم لهم: كله خلقُ الله ø وفعله، هو خَلَق الإفك وغيره مما خلق الله، مثل السماوات والأرض، والشمس والقمر، وغير ذلك، لزمكم أن قوله: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} ينقض قوله: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}، ويفلجكم خصماؤكم من اليهود والنصارى والزنادقة، وجميع من خالفكم، لا بد لكم من أن تخلصوا منهم بحجة.