[شبهة هل كلف الله العباد أن يعلموا أنهم مخلوقون]
  عادلا وحكيما ورحيما، وأنه لا يظلم ولا يجور؟! فهذه صفة خالقك عندك، وهذا تقديره وحكمته، جل الله تعالى وتقدس عما قلتم، وعلا علوا كبيرة!
  فإن قلتم: إنه قال ø في كتابه: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد: ١٦، الزمر: ٦٢]. فلذلك ألزمناه خلق كل شيء.
  قلنا لك أيها المالك، المغرور في دينه، الذي لم يلق العلماء، ولم يغترف من عين الماء: إن القرآن عربي مبين، عظيم القدر، واضح المنازل، زاهر السراج، وليس هو بعجمي ولا غبي، ولا خافي المعنى عن أهل العلم، وأهل اللغة العربية والبيان، وورثة الحكمة من أهل بيت النبوة $.
  ألا ترى أن العرب تقول: دخلنا السوق فوجدنا فيه كل شيء، وهم لم يجدوا فيه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو من أعظم الأشياء، وكذلك لم يجدوا فيه من مات من المؤمنين، ولا من آبائهم وإخوانهم، وكذلك لم يجدوا فيه قطع السحاب، ولا نجوم السماء، وهذه أشياء لم يجدوها، فجاز ذلك في اللغة.
  وتقول العرب: دعانا فلان إلى منزله فأطعمنا من كل شيء، وهو لم يطعمهم لحم خنزير، ولا لحم الأسود، ولا لحم الإنسان، ولا لحم الحيات، فجاز ذلك في اللغة أنه قد أطعمهم من كل شيء، وهذه أشياء لم يطعمهم إياها، وإنما تقول العرب من الخصوص في الكلام ما تجعله عاما، وإنما نزل القرآن بلغاتهم المعروفة. وشاهد ذلك، قول الله ø: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}[إبراهيم: ٤].