[هل دعا النبي الناس إلى شيء يعرفونه جميعا]
[هل دعا النبي الناس إلى شيء يعرفونه جميعا]
  ثم قال عبد الله بن يزيد البغدادي: ثم سلهم فقل: أخبروني عن رسول الله ÷ حين جاء يدعو الناس إلى شيء يعرفونه جميعاً معرفة واحدة، أم جُعل بعضهم يعرف وبعضهم لا يعرف؟!
  فإن قالوا: جُعل كلهم يعرفون ما دعاهم إليه معرفة واحدة.
  فقل لهم عند ذلك: أليس جميع المشركين قد عرفوا أن الله واحد، وأن محمداً رسوله، وأن ما جاء به فهو حق، لأن المؤمنين قد عرفوا ذلك، وهم مثلهم في المعرفة.
  فإن قالوا: نعم، فَأثبِتْ عليهم هذا القول، ثم سلهم عمَّن وصفه الله لا يسمع ولا يبصر، أرأيتم حيث قال الله: {الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ١٨}[البقرة: ١١٣، يونس: ٨٩، الروم: ٥٩، الجاثية: ١٨]، أتصفونهم يعلمون والله يقول: إنهم لا يعلمون، وحيث يقول: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ١٨}[البقرة]، فكيف تصفونهم أنهم يبصرون ويسمعون؟!
  فإنهم لا يعطونك أنّ خلقه جميعاً يعرفون ما يعرف الرسل والمؤمنون، من توحيد الله ø ورسالاته، وجنته وناره، والله يصفهم بغير ذلك.
  الجواب قال أحمد بن يحيى ª: أما قولك: إن الرسل تعلم من توحيد الله والعلم ما لا يعلم غيرهم، وكذلك المؤمنون يعلمون من التوحيد والعلم ما لا يعلم المشركون، فإنا نقول: إن الرسل $ عندهم من العلم ما ليس عند أحد، لحاجة الناس إليهم، وعليهم أن يعلّموا الناس جميع ما افترض الله ø عليهم من معرفة دينه، وليس عند الخلق إلا ما علّمتهم الرسل، والمؤمنون قد كانوا قبل مجيء الرسل لا علم لهم، ولا معرفة عندهم ولا دين، حتى تعلّموا وطلبوا العلم، فصاروا علماء مؤمنين.