مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة فيمن ذكر الله أنهم لا يعقلون ولا يعلمون]

صفحة 149 - الجزء 2

  {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٢٠}⁣[الانشقاق] معنى، وقد علم أنه قد حال بيننا وبين الايمان.

  وكذلك لا معنى لقوله: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ}⁣[المائدة: ٧٤] وكذلك لا معنى لقوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}⁣[آل عمران: ١٣٣]. وكذلك لا معنى لقوله: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ١٣١}⁣[آل عمران]. وكذلك لا معنى لقوله: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ٤٣ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ٤٤}⁣[طه]. وكذلك لا معني لقوله: {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ}⁣[يس: ١٤]. فكان هذا القول من حجة الكفار على الرسل.

  ثم قالوا لهم: فلا نجد لإرسالكم معنى، وقد حال ربنا بيتنا وبين الطريق، ولم يوجد لنا فُسحة إلى السبيل، ولم يُرِد منا أن نؤمن، لأنَّا إن آمنا - كما قال كبيرنا عبد الله بن يزيد البغدادي - كان ذلك الايمان إبطالاً لعلمه، وقد ذكر أنه قد أرسلك إلينا يا محمد كافة كلنا، بعدما أراد أن يكون بعضنا مؤمناً وبعضنا كافراً، على ما قال شيخنا عبد الله بن يزيد البغدادي وإخوانه المجبرة.

  فكيف تدعوننا أيها الرسل إلى الايمان؟! وتسفكون دماءنا وتغنمون أموالنا وذرارينا؟! وليس نقدر على الايمان بحيلة، لأن الله أراد منّا أن نكون كفارا، ولو آمنا لبطل علمه! ونحن بعد هذا نقتلكم يا معشر الرسل والأئمة من أولادكم، وهو الذي قضى علينا قتلكم، وخلق فعلنا بكم، وقدّره علينا وأراده منا، ثم أنزل في كتابه يعيّرنا ويعنفنا ويعيب علينا قتلنا لرسله، ويقول في كتابه: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}⁣[البقرة: ٦١، آل عمران: ٢١]، بعدما قال: {يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ٥٧}⁣[الأنعام].