مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة فيمن ذكر الله أنهم لا يعقلون ولا يعلمون]

صفحة 150 - الجزء 2

  فلِمَ عاب علينا قضاء ما خلق، وكلُّ شيء في الأرض - زعمت المجبرة - بقضائه وقدره، وفعلٌ مخلوق لفاعله لا حيلة له في تركه، ولا يقدر على الخروج منه، فكيف تطلبون منا يا معشر الرسل [ترك] ما لا نقدر على تركه، ولا نقدر على الخروج منه؟!

  ونحن معشر العرب يقول الشاعر منا الشعر، فلا نقبل منه بيتاً معيباً، ولا معني فاسداً، ولا كلاماً مستحيلاً، حتى نستقصي فيه ونبعد عنه التناقض، نُسقط شاعره إذا أخطا، ونقدم عليه غيره من الشعراء.

  فكيف نقبل منكم يا معشر الرسل كتاباً سماوياً - زعمتم - نجده نحن متناقضا يُفسِد بعضه بعضاً؟ فأنصفونا ففي النصفة تجب الحجة، ويغلب الحق، ويصح لنا صدقكم، وتلزمنا طاعتكم.

  وقد ذكر ربكم أيها الرسل في كتابه أن قضاءه حق، وأنه يقضي الحق، ثم قال بعد ذلك: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}⁣[البقرة: ٦١، آل عمران: ٢١]، فما هذا التخليط يا معشر الرسل؟! أصحّوا لنا رسالتكم القوية، وحكمة ربكم العادل الحكيم الذي زعمتم، فإذا صحّ عدل ربكم وحكمته، عرفنا ما تدعوننا إليه، وصحّ الخطاب بيننا وبينكم، وقام الحق، وسقطت الدعاوى الباطلة، من قولنا وقولكم يا معشر الرسل.

  قال أحمد بن يحيى ~: فما ترى قول عبد الله بن يزيد البغدادي وأصحابه المجبرة لمن احتج عليهم بهذا الاحتجاج؟