[شبهة فيمن ذكر الله أنهم لا يعقلون ولا يعلمون]
  اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}[النساء: ١٤٢]. أهذا على حقيقة أم على مجازٍ؟ كلامٌ عربي يحتمل التأويل؟!
  فإن قال: إنه على حقيقة لا مجاز فيها، ولا يحتمل التأويل، لزمه أن ربه يستهزئ كما يستهزئ السفهاء، ويسخر كما يسخر السخفاء، ويخدع كما يخدع الضعفاء.
  وإن قال: إن هذا القول على مجاز الكلام.
  قلنا له: هذا هو الحق، وله تأويل جَهِلْتَه، وقد رجعت عن قولك، وكذلك جهلت قوله الذي احتججت علينا به، في قولك: لا يعلمون، ولا يعقلون، ولا يبصرون، و {ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ}[النجم: ٣٠]، له تأويل كما لهذا تأويل عطلتَ فيه، لأنهم لو كانوا لا يعلمون ولا يعقلون ولا يبصرون، لَسقطت عنهم الحجة، كما سقطت عن الأطفال والمجانين، إلا أن كلامك على اتباع الهوى والإعجاب، لا تَدَبَّير الكتاب، ولا تتفكر في الصواب.
  ثم نسألك أيضا عن اعتقادك في التوحيد؟ لأنك تقول - زعمت -: إنك موحّد، ومحال، ما أنتم كذلك!
  فنقول لك: ما قولك في قول الله ø: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ}[البقرة: ٢١٠]، وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ٥}[طه]، وقوله: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ}[غافر: ١٥]، وقوله: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}[القمر: ١٤]، وقوله: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ٣٩}[طه]، وقوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}[القلم: ٤٢]، وقوله:
  {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ٢٣}[الفرقان]،