مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل يوصف الله بـ (فاهم)]

صفحة 96 - الجزء 1

[هل يوصف الله بـ (فاهم)]

  ثم قال عبد الله بن يزيد البغدادي: ثم سلهم عمن أقرّ بأن الله ø قادر ولم يقر بأنه فاهم؟

  الجواب قال أحمد بن يحيى ¥: هذا عندنا سؤال من لا يعرف اللهَ ø ولا توحيده، وهذه المسألة فاسدة، لقولك: فاهم، فقولك: فاهم، كفرٌ بالله العظيم، لأن فاهماً من صفات الخلق، إذ منهم من يفهم ومنهم من لا يفهم، والفهم من صفة المخلوقين، وذلك عن الله منفيّ، وقولك: فاهم، فهي خارجة من اللغة العربية، فلزمك الخطأ في وجهين: في التوحيد واللغة جميعاً. وإنها تقول العرب: رجل فَهِمٌ، ولا تقول: فاهم. وهذه اللفظة من جهلك بالتوحيد، لا يجوز أن يوصف الله ø بفَهِم، وقول القائل: الله عالم يجُزي عن ذلك كله، ومن قال - زعمتَ -: إنه قادر ولم يقر بأنه قاهر، وأقر بأنه إله ولم يقر بأنه خالق، وهذا القول الذي قلتَه فكله فاسد لا يجوز في التوحيد، ولا يقوله من له أدنى رأي سديد، ومعرفة يسيرة.

  فأما قولك: أيها المجبر في المحتلم، وليس بمجنون، ولا مغلوب على عقله، لأنه لا يعرف حين احتلم أنه قد كمل عقله، فهذا كلام مخلّط لم نُصحّه، والمحتلم ليس عليه لوم في نومه، والفرائض له لازمة وإن نام، والتوحيد عليه فريضة وإن نام، لأن النوم لا يُذهب عنه فرض التوحيد، وعليه أن يقوم بقرائضه ويؤديَها ويعتقدَها.

  وقولنا: إن الفرائض والتوحيد لازمة للنائم في نومه، أردنا بذلك أن فرض الله لازم للنائم واليقظان، نريد: أن على النائم أن يكون ضميره واعتقاده التوحيد ووجوب الفرائض، فإذا استيقظ لزمه العمل والأداء، لَمِا افتُرض عليه، وأما الفعل ففيه يكون الثواب والعقاب، لأن الأمر والنهي إنما هو لازم لأهل العقول، وأنت تعلم أن الزنج والهند والحبش وجميع الأعاجم إذا طلبوا العلم والتعليم نالوه