مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

الرد على الأباضية

صفحة 222 - الجزء 2

  ٦٤ - وسالت عن قوله ø: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}⁣[المائدة: ١٤]. فقلت: ما معنى ذلك؟

  قال أحمد بن يحيي #: معنى قوله: {يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}. يعني: نعمتاه نعمته في الدين ونعمته في الدنيا، وكذلك قوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}⁣[ص: ٧٥]، وقوله: {عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا}⁣[يس: ٧١]. يقول: ما توليته بنفسي، والعرب تقول لمن تخاطبه: في عنقك يا فلان لي يد، يعني: نعمة، لا أن في عنقه له يدا لازمة بكف وأصابع، وقد قال الله سبحانه: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ}⁣[يونس: ٢]. فهل يجوز في العقول أن للمؤمنين عند الله ø قدما مطروحة بعقب وأصابع، هذا ما لا يجوز في العقول، ولا يتوهمه مسلم! وقد قال الشاعر في نحو ذلك:

  تحملت من اسما ما ليس لي به ... ولا للجبال الراسيات يدان

  والجبال ليس لها أيدي، فجاز هذا في لغة العرب، وإنما خاطبهم الله ø بلغتهم التي يعرفون، وإنها جاء الهلاك في الدين والترك للتوحيد من جهل الخلق باللغة العربية.

  ألا ترى أن العرب تقول ما زلنا نطا السماء حتى وصلنا إليكم من مسيرة أيام كثيرة، وهذا الكلام عند من لا يفهمه غير جائز، أن يكون أحد يطأ السماء، وهو عند العرب وأهل المعرفة صحيح جائز، لأنهم يعنون بالسماء هاهنا: الغيث، أي: لم يزالوا يطئونه حتى بلغوا إلى أصحابهم، وقال الشاعر في نحو ذلك: