الرد على الأباضية
  يجوز من الكلام بين الناس، وقد ذكر الله تبارك يدا وسمعا، وبصرا وعلما، وعينا ووجها، ونفسا وجنبا، وقبضاً وبسطة، ومجيئا واستواء على عرش، وإتيانا في ظلل من الغام، وغير ذلك مما يجوز في اللغة العربية، التي غلط من أهل التشبيه المقصرين في توحيد الله ø، فانظر أنت ذلك إلى مجاز الكلام وكيف مخرجه في اللغة، فاحمل عليه دون التشبيه الذي لا يليق بالآدميين، تُصِبْ رشدك إن شاء الله، ولولا الاجتزاء بما قد ذكره الهادي إلى الحق ~ في هذا المعنى في كتاب المسترشد لشرحناه وبيناه، ولكن لم يترك الهادي ~ لأحد كلاما، مع ما بيَّن في كتاب المسترشد ولله الحمد والمنة.
  ٧٠ - وسألت عن قول الله ø: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص: ٥٦]؟
  قال أحمد بن يحيي ~: إن من زعم أن الله تبارك وتعالى دعا العباد إلى أمر قد حال بنيهم وبينه، ونهاهم عما قضاء وقدر عليهم أن يعملوا به، وأراد بذلك المجبر السائل جهله، وأن يزين لنفسه خَطَاه، ويكابر الحق الذي جاء من عند الله ø صراحا بدعواه، في قول الله جل ثناؤه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. كأنه يرى عند نفسه أن الله تقدس وتعالى قال لنبيه محمد ~: إن دعائك للعباد وما أرسلناك من البرهان والنور والهدى والبينات والآيات الواضحات لا ينفع الناس شيئا، ولكن أنا أقسر عليه من شئتُ منهم، وليس ذلك كما تأولوه ولا كذلك فعل الله ø، وإنما كان ذلك أن رجلا كان من رسول الله ÷ بمكان ومنزلة، فحرص عليه أن يسلم فأخبر الله سبحانه نبيه ~ وعلى آله أن حرصك لا يغلب إرادة العبد أن يسلم، فإن أحدا لا يستطيع أن يغلب أحدا على إرادته وهواه إلا الله القوي