مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

الرد على الأباضية

صفحة 232 - الجزء 2

  والجواب الأول قول بعض أهل العلم.

  وسألت عن تفسير الجهاد كيف معانيه في القرآن؟

  قال أحمد بن يحيي ~: تفسير القرآن على ثلاثة وجوه:

  فالوجه الأول من الجهاد يعني به: القول، فذلك قوله ø: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ٥٢}⁣[الفرقان: ٥٢]. وهذا بمكة قبل أن يؤمر بالسيف، وقال في سورة النبي صلى الله عليه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}⁣[التوبة: ٧٣، التحريم: ٤]. يعني: بالقول الغليظ.

  والوجه الثاني من الجهاد يعني به: القتال بالسلاح، فذلك قوله: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ} - يعني: الذين يقاتلون في سبيل الله - {بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ٩٥}⁣[النساء: ٩٥]، وقال في براءة: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}⁣[التوبة: ٧٣]. يعني: بالسيف، ومثلها في {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ}⁣[التحريم: ١].

  والوجه الثالث من الجهاد يعني به: العمل، فذلك قوله في سورة العنكبوت: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ}⁣[العنكبوت: ٦]، من يعمل الخير فإنها يعمل لنفسه، وقال فيها أيضا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}⁣[العنكبوت: ٦٩] يقول: عملوا لنا، وقال في سورة الحج: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}⁣[الحج: ٧٨]. يقول: اعملوا لله حق عمله.