مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

تفسير سورة بني إسرائيل

صفحة 240 - الجزء 2

  وأما قوله: {لَيْلًا}، فإنه يعني به: قدرته، وتعجيل بلوغه إلى الشام، من مكة في ليلة واحدة، والمسجد الحرام: مسجد مكة، والمسجد الأقصى: مسجد بيت المقدس المبارك الذي بارك الله ø فيه وفيما حوله، وأعظمَ النعمة على خلقه والإحسان إلى بريته، ويعني بقوله: ليلة واحدة، لأن قريشا لم تفقد رسول الله ÷ إلا ليلة واحدة.

  قوله: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١}. يعني: ما أراه من عظمة سلطانه، ونيرات برهانه، السميع بلا آلة، والبصير بلا جاسة.

  قوله: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}. يعني: التوراة، {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}. يعني: ما بيَّن لهم من الحق، ودلهم عليه من الرشد، {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ٢}. يقول: ألا تتخذوا من دونه جل ثناؤه إلهاً يعبد، ولا ربا يُوحَّد.

  قوله: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ٣}، يعني: نسل الذين كانوا مع نوح # في سفينته، والوارثين للأرض من ذريته، والشكور فهو: الحامد المطيع.

  قوله: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ...} الآية. يعني به: أعلمناهم بما سيفعلون بعد نزول التوراة، لان القضاء في القران على ثلاثة وجوه:

  فمنه قضاء خبر، وهو: الإعلام.

  وقضاء حتم، وهو: الذي لا مخرج منه ولا حيلة.

  وقضاء أمر، وهو قوله ø: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}. ولو كان هذا محتوما ما قدر أحد أن يخرج من الطاعة إلى المعصية، ولا قدروا أن يعبدوا الأصنام من دون الله جل ثناؤه.