مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

تفسير سورة بني إسرائيل

صفحة 245 - الجزء 2

  وقد قال غيرنا: إنه عنى بذلك: الأسود بن عبد الأسود القرشي.

  ونحن نقول: إن كل الناس داخل في هذه الصفة، غير معتزل عن هذه الشريطة، لقوله ø: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}. ولم يعن واحدا بعينه، وكذلك قوله: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}. فنقول: إن هذه الصفة يدخل فيها كل أحد من الناس.

  وقد قال غيرنا: إنه يعني: الوليد بن المغيرة أنه الذي ضل، وإن الذي اهتدى أبو سلمة بن عبد الأسد.

  {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، يعني بذلك: أن أحدا لا يدفع عن أحد، وأن أحداً لا يحمل ذنب أحد أبداً، ويصدق ذلك قوله ø: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ٤٠ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ٤١}⁣[النجم: ٣٩ - ٤١]، والأوزار في لغة العرب، فهي الأحمال والأعباء والأوقار.

  قال الشاعر:

  حامل الأعباء حين يُؤد ... ب القوم لا زُمُّلٌ ولانُوَّاح

  وقال آخر يصف الأوزار:

  يحمل أوزارنا إذا حجر الغيث ... ولم تند بالبلال الرفود

  والرفود فهي: الناقة ذات اللبن الكثير ترفد أهلها.

  {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥}. يقول جل ثناؤه: إنه لم يكن ليعذب خلقه قبل إيجاب الحجة، والإبلاغ في المعذرة، وإرسال الرسل، وإنزال