مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

تفسير سورة بني إسرائيل

صفحة 246 - الجزء 2

  الكتب، والإعذار والإنذار، تفضلا منه ورحمة وامتنانا، وكرما وإحسانا، فإذا بلغت الرسل وجاءت بالمعجزات، والدلالات الباهرات، والآيات الشافيات، وجبت الحجة، وقام العذر، وثبت الحق، واستحق النكال والثواب.

  {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ١٦}. يعني جل ثناؤه، وقهر سلطانه: أن أمره هذا الذي عنى في هذا الموضع، أي: أَمَرنا مترفيها بأمرنا فتركوه وفسقوا فيها، وهذا الكلام هو المضمر في لغة العرب، الذي لا يجهله ذو لب، ولا ينكره من كان له في العربية أدني حب.

  قال الشاعر يذكر الإضمار في الكلام، ويستغني عن وضعه لعلم العرب به وصحته عندها:

  وإن المنية من بخشها ... فسوف يصادفها أين ما

  يريد: أين ما كان من جميع الدنيا أدركته المنية، فأضمر ذلك لعلمه أن العرب قد علمت ما أراد.

  قال امرؤ القيس بن حجر الكندي، وكان من أهل نجد:

  لعمرك لو شيء أتانا رسوله ... سواك ولكن لم نجد بك مدفعا

  فأضمر ولم يأت بجواب لعمرك لو شيء أتانا سواك، وكان ينبغي أن يقول: لفعلنا كذا وكذا فأضمره.

  وقال الله ø: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ١٠}⁣[النور: ١٠]، ثم وقف الكلام، وقد علمت العرب أن تحته لكان كذا وكذا من