مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

تفسير سورة بني إسرائيل

صفحة 267 - الجزء 2

  يقول: نحن ندرك بدمائنا، إذا لم يدرك التبيع بثأره، وطل دمه.

  {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}. يعني في البحر، على ما لطف لهم به من الفلك الجاري بقدرته، في الأمواج التي كأنها الجبال في البر، على ما سخر لهم من أنعامه المطيعة لهم بقدرته، من الإبل والخيل والبغال والحمير.

  {وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}. يعني: ما تفضل به ø من نفيس الثمار، وجميع الحبوب، ولحوم الأنعام، وصيد البر والبحر، والعسل، واللبن، والماء، والنعم التي لا تحصى، وذلك قوله ø: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}⁣[إبراهيم: ٣٤، النحل: ١٨]

  {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ٧٠}. صدق الله جل ثناؤه، لقد فضل بني آدم على سائر الحيوان، وأعظم عليهم المنة، وأجزل لهم العطية، فله الحمد على نعمه كثيراً، كما هو أهله ومستحقه.

  {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}. يريد بهذا: جميع الخلق، فليس من أحد إلا وله إمام، إما إمام هدى، وإما إمام ضلالة.

  {فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}. فقد نجا وأفلح، {مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ}⁣[الحاقة: ٢٥]. فقد هوى، وصار في سجن لظي، حيث لا راحة ترجا ولا أسير يفدي.

  {فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ٧١}. والفتيل في لغة العرب والمعروف عندها في كلامها وخطابها، والنقير والقطمير، فكل ذلك في النواة موجود، والنواة فهي العجمة التي تكون في جوف التمر، فالشق الطويل الذي يكون في بطن النواة، اسمه عند العرب: الفتيل. والنقير فهو ذلك النقير الذي يكون في وسط ظهر النواة، مثل الخردلة، ومنه يكون انتشار نباتها إذ نبتت. وأما القطمير