مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

تفسير سورة بني إسرائيل

صفحة 269 - الجزء 2

  وقالوا: إن رسول الله ÷ كان حاصر ثقيفاً بعد فتح مكة، وهو ذا قُرّ في ذي القعدة بضعاً وعشرين يوماً، ثم انصرف عنهم، وقال #: «نهيت عن قتال ثقيف»، وقد كانوا قتلوا من أصحابه أربعة عشر رجلاً منهم ابن أبي بكر بن أبي قحافة، وعبد الله بن أمية، زاد الركب وهو ابن عمة النبي ÷، وأمه عاتكة ابنة عبد المطلب، وهو أخو أم سلمة زوج النبي ÷، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وعبد الله بن الحارث بن قيس بن عدي بن عطية، وسعد بن سعيد بن العاص بن أمية، فلما انصرف رسول الله ÷ أتاه وفد ثقيف بن عمير بن عبداليل، وقد كانوا أفدوا إليه من كل بطن جلاً لشدة شوكتهم وجرأتهم على الله ø، وكان فيهم عثمان بن أبي العاص، فأتوا النبي ÷، فسُرَّ رسول الله ÷ بمجيئهم، فسألوا النبي ÷، أن يمنعهم باللات سنة، وسألوه أشياء كثيرة، منها:

  أن لا تنحني نساؤهم في الصلاة، وأن يُحرَّم واديهم كما حرمت مكة شجرها وطيرها ووحشها. فأجابهم رسول الله ÷ إلى ما يصلح ويجوز من مسائلهم، إلا التمتع باللات، وتحريم الوادي. فجعلوا يردون عليه ويقولون فسنة واحدة، حتى تعرف العرب فضلنا عليهم، فأمسك عنهم في الثانية ولم يَردُد عليهم جواباً، فداخلهم الطمع فيما طلبوا، فأنزل الله: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ٧٤}. وقوله ø: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ}. يعني بذلك: كيدهم له، وما أرادوا به من الغوائل، فحماه الله ø عن ذلك كله، وأيده بنصره، وحفظه من كيد الظالمين.

  وقد جاء في الرواية: أن قريظة والنظير وبني قينقاع، اجتمعوا إلى النبي #، حيث هاجر، فقالوا له: يا أبا القاسم إن الأنبياء بعثوا بالشام، وهي بلاد