مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

تفسير سورة بني إسرائيل

صفحة 271 - الجزء 2

  {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩}. وعسى من أن الله ø واجبة، وهو المقام الذي يغبطه الأولون والآخرون، فزاده الله شرفاً، وعَرَّف بيننا وبينه في ذلك المقام المحمود العظيم، حيث يشاء #، فيُعطى ويشفع فيُشفَّع.

  {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ}. يعني: النبي ÷، وقد جاء في الرواية: أنه عنى بالمدخل الصدق: مكة، يدخلها بالعز والفتح، والقوة والقدرة، والسلطان، والحجة البالغة على جميع من عانده #.

  {وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ}. من مكة إلى المدينة، يقول: لا ألقى إلا مؤمناً ومحباً، ولا ألقى مشركاً ولا كافراً.

  {وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ٨٠}، يعني: حجة ظاهرة، وتنصرني بها على جميع من خالف أمري.

  {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ}. قال: أَمَرهُ إذا وقف على الأصنام بمكة تُعبد من دون الله، أن يقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ٨١}. قالوا: إن ذلك كما يزهق السهم عن نفس الغرض.

  فذكروا أن رسول الله ÷، فعل ذلك بالأصنام، فخرت ساقطة على وجوهها.

  وذكروا أن رجلاً من أصحابه كان بعد حين واجه الأصنام، فقال الرجل للأصنام: يا معشر الأصنام، هذا أحمد إن كان حقا للإله فاسجدوا، قال: فخرت الأصنام على وجوهها ساقطة، وأمر بها رسول الله # فكسرت.

  وذكر أنه كان حول الكعبة ستون وثلاثمائة صنم يوم فتح مكة، فأزاحها # كلها، فذلك قوله: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ}. فكان الله هو الحق خالق