مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[تفاوت معارف الخلق]

صفحة 107 - الجزء 1

  الذي كتبه المشايخ إلى عشائرهم، وردّ عليهم فيه بعض أصحابنا ما فيه الكفاية، وما علمنا أحداً من جميع الناس يأتي من التخليط الفاحش بمثل هذا الذي قلتم فالله المستعان.

  فإن قال قائل: فهل أعطى رسول الله ÷ الناسَ العلمَ بالسواء حتى كانوا جميعاً فيه سواءً؟!

  فإنا نقول: إنه ~ وعلى آله وسلم قد نصح وبلّغ جميع ما أمره الله جل وعز بتبليغه، وأوفاهم علم الفرائض على السواء، لم يكتمهم نصيحةً، ولم يستر عنهم شيئاً من جميع ما تُعبّدوا به، غير أن بني آدم مختلفة هممهم وأهواؤهم، وإن بعضهم يستعمل عقله ويصرف همته في طلب العلم، وبعضهم يستعمل عقله ويصرف همّته في أشياء غير ذلك، من الزراعات والصناعات والإرادات المختلفة، والفرض عليهم سواء، ولا حجة على الرسول ÷ تلزمه في تقصيرٍ، ولا خيانة في تأدية، ولذلك صار بعض الناس من أصحاب رسول الله ÷ ومن تبعهم من جميع الناس أعلم من بعض، وقد قال الله ø: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ٧٦}⁣[يوسف]، وقد علمتَ ما كان بين موسي وبين العالم صلي الله عليهما الذي لقيه فوجده موسى # أعلم منه، و موسي نبي عالم غايةٌ في العلم. فهذا جواب ما سألتنا عنه.

  فإن قال قائل: فهل فضّل رسول الله صلى الله عليه أحداً من أصحابه بالعلم دون غيره؟

  قلنا له: قد كان رسول الله ÷ يُعلّم جميع من طلب العلم، ولا يبخل عليه بما فيه نجاته، ولا يخصّ أحدة بعلم دون أحد.