مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل القدرة قبل الفعل أو معه]

صفحة 134 - الجزء 1

  وإن زعموا أنه استطاع تطليقها وليست با مرأته - زعموا - لزمهم أن الناس يقدرون أن يطلّقوا غير نسائهم، وهذا نحو ما أوجبناه عليهم في العتق.

  ثم نقول لهم أيضا: خبّرونا عمن كان في يده، حَجَر فألقاه من يده متي استطاع ذلك، والحجر في يده، أو خارج من يده؟

  فإن قالوا: استطاع ذلك والحجر في يده، لزمهم لنا أن الاستطاعة قبل الفعل، وذلك عندنا هو الحق، وتركوا قولهم، لأن الحجر إن كان في تلك الحال في يده، فتلك الحال حال إمساك، وليست بحال إلقاء، والإمساك قبل الإلقاء، وذلك الرجوع إلى أن الاستطاعة قبل الفعل.

  وإن زعموا أنه استطاع إلقاء الحجر والحجر خارج من يده، لزمهم أن الناس في قولهم يقدرون على أن يلقوا ما ليس في أيديهم، وهذا الخروج من المعقول.

  ثم يقال لهم: خبّرونا عن رجل ملك مائتي درهم قَفْلَةً، أليس قد فرض الله سبحانه عليه الزكاة؟!

  فإذا قالوا: نعم.

  قلنا لهم: فإنه قد دفع منها خمسة دراهم إلى إمام هُدى، أليس قد استطاع دفع ما افتُرض عليه وأُمر به في تلك الحال؟!

  فإذا قالوا: نعم، ولا بد لهم من ذلك.

  قلنا لهم: فكم يملك في حال الدفع، أمائتين أم مائة وخمسة وتسعين؟

  فإن زعموا أنه يملك مائتي درهم، قلنا لهم: فهو في حال دفع الخمسة الدراهم إلى إمام عادل لم يدفعها، لأنه لو دفعها لم يكن بمالك لها، فإذا كان في تلك الحال -