مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل القدرة قبل الفعل أو معه]

صفحة 135 - الجزء 1

  زعموا - أنه استطاع دفع الخمسة الدراهم وهو مالك لها، وحال الملك قبل حال الدفع، فذلك الإثبات للاستطاعة قبل الفعل، وهو الحق وهو قولنا.

  وإن زعموا أنه في تلك الحال دفع وليس يملك منها إلا مائة وخمسة وتسعين، لزمهم في قولهم أن الله جل ثناؤه افترض الزكاة على من لا يملك إلا مائة وخمسة وتسعين درهماً، وهذا الخروج من دين الإسلام، والرد للحق عياناً بالمكابرة. وذلك أنهم زعموا أن الله ø فرض عليه في حال دفع الخمسة أن يدفعها، وهو في حال دفعها لا يملك إلا مائة وخمسة وتسعين درهماً، فوجب عليهم أن يزعموا أن الله ø فرض على من لا يملك إلا مائة وخمسة وتسعين درهماً أن يزكيها - في قولهم - وحاشا لله من ذلك! وكفى بها قلنا قاطعاً لهم.

  ثم نقول لهم: أليس في قولكم واعتقادكم واحتجاجكم علينا في كتابكم الذي وضعتم، وزعمتم أنّا نفرّ منه، وأنّا لا نقدر لكم فيه على جواب، وقلتم: إن الناس لا يقدرون على شيء من جميع الأشياء، حتى تحدث لهم قوّة لذلك الشيء؟

  فإذا قالوا: نعم.

  قلنا لهم: فهل تدرون لعلكم الساعة ليس فيكم قوة على استماع الرعد والصواعق، ولعلها موجودة عندكم، وليست فيكم القوى على استماعها؟! فإن أجازوا ذلك لزمهم أنهم لم يدروا لعل الصواعق تكون عندهم، ويسمعها أهل بلدهم غيرهم فلا يسمعون ذلك، ولعلهم لم يعطوا القوة على استماع الرعد والصواعق، وأعطوا القوة على استماع السِّرار والمخافتة الغامضة، وكذلك لعل الجبال الرواسي بين ايديهم وهم لا يرونها، ويرون الذرّ في صغره وما هو أصغر من الذرة، من قِبَل أنهم أعطوا القوة على أن يروا الذر، ويسمعوا السرار الخفي، ولم