[هل القدرة قبل الفعل أو معه]
  يعطوا القوة على أن يسمعوا الصواعق، ويروا الجبال الرواسي، فهذا غاية التجاهل والتعامي، وقلة النصفة للعقول. ومع أنه يجب عليهم إذا أجازوا هذا أن يُضرَبوا بالسياط، ويحرَّقوا بالنار، ولا يعلمون ذلك ولا يألمون له، وإن كرهوا الإقدام على هذا القول، وقالوا: إذا سمعنا السرار فنحن للرعد أَسمَعُ. قلنا لهم عند ذلك: اليس القوة على استماع الرعد هي غير القوة على استماع السرار؟
  فإذا قالوا: نعم.
  قلنا: فلِمَ لا يجوز أن يعطوا القوة على السرار، ويُمنعوا القوة على استماع الرعد، فإن أجازوا ذلك وجب عليهم الكلام الأول، حتى يقولوا إنهم في الحال التي يسمعون فيها السرار، لا يسمعون فيها الصواعق وصوت الرعد.
  وإن هم لم يُجيزوا القوة على السرار، إلا وقد أعطوا القوة على استماع الرعد قلنا لهم: فكذلك يجب أن من أُعطي القوة على حمل مائة رطل فحملها، أنه يقدر على حمل رطل واحد لم يحمله، إذ كان لا يعطي القوة على شيء إلا أعطي القوة على ما هو أيسر منه، وفي هذا ترك قولهم، لأنهم يزعمون أنه قد يكون الرجل حاملاً لمائة رطل وهو عاجز عن رطل واحد في ذلك الحال.
  وإن زعموا أن القوة على استماع السرار هي القوة على سماع الرعد، قلنا لهم: فيا الفرق بينهما ولا نعلم له فرقاً؟
  فإن قالوا: نعم، القول كا قلتم، خرجوا من قولهم وبطلت دعواهم، ولزمهم أن من حمل مائة رطل فقَوِيَ على حملها، أنه يقدر على حل رطل واحد لم يحمله، إذ كانت القوة على شيء، فهي القوة على ما هو أخفّ منه وأيسر، لا يقدر على رد هذا إلا جاهل أو متجاهل مكابر، وليس مثلَّه يكلم.
  ونقول لهم: أليس نحن إذا قلنا: إنّا نستطيع أن نفعل ما علم الله ø أنّا لا