مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل القدرة قبل الفعل أو معه]

صفحة 137 - الجزء 1

  تفعله، فقد زعمنا ولزمنا أنا نستطيع أن نجهّل الله ø؟!

  فإذا قالوا: نعم.

  قلنا لهم: فخبّرونا عن الله جل ثناؤه هل يقدر أن يجلعه فينا؟

  فإن قالوا: نعم، فقد زعموا أنه يقدر على تجهيله، وذلك مثل ما زعموا أنّا نصير إليه بكذبهم علينا وفريتهم. وإن زعموا أنه لا يقدر على شيء، وصفوه بالعجز، ومن عجز عن شيء فليس بإله، وإن الجأتهم حجتنا هذه القاطعة العظيمة الجليّة إلى أن يقولوا إن هذه مسألة محالٍ، فلا يقال فيها يقدر ولا يقدر، استكباراً منهم عن الحق، وجحوداً خوفَ الغلبة.

  قلنا لهم: فخبرونا عن قوله ø: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ٤}⁣[القيامة]، وقد علم أنه لا يفعله، وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}⁣[السجدة: ١٣]، وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}⁣[الأعراف: ١٧٦] وقوله: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}⁣[الإسراء: ٨٦]، وقوله: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}⁣[يس: ٨١]، وأشباه ذلك من القرءان يطول ذكره.

  فنقول: كيف يجوز عندكم أن يقول ø: ولو شئتُ لفعلت كذا وكذا، وذلك محال - زعمتم - حيث اضطركم احتجاجنا فلم تقدروا على حيلة، إلا أن قلتم: إن هذه المسألة محال، وكيف يجوز أن يقول جل ثناؤه: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ٤}⁣[القيامة]، {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}⁣[الإسراء: ٨٦]، والقدرة على ما يعلم أنه لا يفعله عندكم - زعمتم - محال. وإن تابوا ورجعوا إلى الله سبحانه يقدر على فعل ما يعلم أنه لا يفعله، ولا يكون يلزم أحداً تجهيله، فذلك الحق وهو قولنا، قد يقدر الناس على فعل ما علم الله ø أنهم لا