[حجة دامغة على تقدم القدرة للفعل]
[حجة دامغة على تقدم القدرة للفعل]
  ومن الحجة لنا عليكم أن الاستطاعة قبل الفعل أن نقول لكم: ما تقولون في رجل ركَّب سهمَه على قوسه رامياً لرجل بين يديه، فلما خرج فوق السهم من وتر القوس، سقط الرامي ميتاً، ووقع السهم في المرميّ فقتله؟
  فنقول لكم: خبرونا متي قتل هذا الرجل صاحبَه المقتول بالسهم، أوَهو حي مستطيع للقتل، أم وهو ميت لا استطاعة فيه؟
  فإن قالوا: قتله بعدما مات، لأن الاستطاعة عندهم مع الفعل لا قبله، لزمهم أن الموتى يقتلون الناس، وأن فيهم الاستطاعة موجودة، وألزموا الموتى القَوَد وحمل الديات للمقتولين، وبَانَ كذبهم وصح إبطالهم، وافتضحوا عند جميع الخلق.
  وإن قالو: إنه قتله برمينه وهو حي مستطيع، لزمهم أن الاستطاعة قبل الفعل، ورجعوا إلى قولنا، ولزمهم أن دعواهم واعتقادهم في الاستطاعة مع الفعل باطل، ووجب عليهم الرجوع والتوبة، والقول على الله ø بالعدل، فيها بعد هذا من البيان والحجة القاطعة، والحمد لله رب العالمين.
  ومن الحجة لنا عليكم في أن الاستطاعة قبل الفعل، أنّا نسألكم فنقول لكم: خبّرونا عن الحركة والسكون في بني آدم، هل هي موجودة في بُنيتهم وجوارحهم قبل أفعالهم، أم لا؟ لأنا نجدهم يتحركون ويسكنون من قبل فعلهم للأشياء كلما أرادوا، لأن الحركة والسكون فرع الاستطاعة، والاستطاعة فعل الله سبحانه الذي ركب في عباده، والحركة والسكون فعل بني آدم، وليست بفعل الله ø.