الباب الرابع عشر في المقامات والحكايات
  وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ اليَومَ مِنَ النّاسِ وَإِنّي جارٌ لَكُم فَلَمّا تَراءَتِ الفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيهِ}[الأنفال: ٤٨]. لا جرم فيك ومن اتبعك نزل: {فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النّارِ خالِدَينِ فيها}[الحشر: ١٧]. وجرت بين المعتزلة والمجبرة مناظرات فكنتم الذابين عني، فشكرت لكم ذلك.
  ثم جرى حديث أحد فقلتُ: حضرتها مع شيخنا أبي سفيان وامرأته هند وابنه معاوية وجماعة جنوده، وكنت أفعل الأفاعيل حتى جرى ما جرى وناديت: ألا قُتِلَ محمد! حتى انهزم الناس. فلما أُمِدوا بالملائكة وتراجع الناس صعدت مع شيخنا أبي سفيان الجبل وصحنا: اعلَ هبل يوم بيوم بدر. فقام عمر وقال: بعداً لكم الله أعلى وأجل ولا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. وقصدني فعلمت أنه لاطاقة لي به فهربت وكنت لا أفر من أحد فراري من عمر، وأنشدت:
  ولقد أجمع رجلي بها ... حذر الموت وإني لفرور
  حكاية - اجتمعت في نادٍ مع جماعة من الجن، فقال بعض مجبرة الجن: أستغفر الله من ذنوبي! فقال معتزلي من الجن: تستغفر من ذنب جنيته أو ذنب لم تجنه؟ وأي فرق بينك وبين من قال: أستغفر الله من سوادي وبياضي، وهي عندك جميعاً من خلقه؟ فانقطع.
  فقرأ قارئ: {إِنَّ عِبادي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ}[الحجر: ٤٢]. فقلت: من هذا الذي لا سلطان لي عليه؟ فقال عدلي: من لايتبعك ولا يلتفت إلى