الباب الخامس عشر في ذكر المذاهب
  حمار أكان مماسه؟ قالو نعم! قالوا: هو في ما لم يزل مريد بإرادة لا حادثة ولا محدثة. وقالوا: القرآن ليس بكلام الله وإنما هو قول حادث فيه وليس بمحدث، ويفصلون بين الحادث والمحدث، ويقولون: الكلام قدرة على التكلم والتكليم. وقالوا أن أحداً لم يسمع كلام الله، مع قوله تعالى: {حَتّى يَسمَعَ كَلامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦]. وقالوا: أن كلامه حال في ذاته لم ينزل به جبريل #. وقالوا: لا يجوز أن يعدم عن ذاته شيء ويجوز أن يحدث في ذاته أشياء. وقالوا: الأعراض كلها تبقى. ولهم في مذهبهم أسرار تشبه أسرار القرامطة لا يظهرونها، منها أنهم جوزوا أن يُخرج الله الكفار من النار.
  وكان فيهم رجل يقال له أبو يعقوب الجرجاني يقول: لله تعالى يدان هما جسمان وله وجه وجنب وساق وكل ذلك أجسام. ومنهم من قال: الله أجسام، فقدماه جسمان ووجهه جسم.
  وقالوا: يجوز الكبائر والكذب على الأنبياء. وقالوا: يجوز ظهور المعجز على غير الأنبياء.
  وكان بعضهم يقول: الترك لا معنى له، فالله تعالى لا يعاقب على قبيح وترك واجب، وإن كان يثيب على فعل الطاعات، وكان يقول: من استأجر أجيراً ليفعل شيئاً فلم يفعل لا يعاقب ولكن يسقط الأجر، وهذا إبطال للعقاب أصلاً، ويعرف هذا القائل بأبي جعفر.