فصل
  وسأل جماعة عمرو بن فائد - وهو معتزلي - عن القدر، فقال: أقيموا ربكم مقام رجل صالح، حتى أنكم إن كان ما قيل حقاً فلا تعاتبوه وإن كان باطلاً فلا تتهموه. وأنشد:
  من لم يكن لله متهماً ... لم يمس محتاجاً إلى أحد
  وأراد مجبر الخروج إلى مكة فودع أهله وبكى، فقيل له: استحفظهم الله! قال: ما أخاف عليهم غيره! فقال معتزلي: كذبت! أتخاف منه وهو أرحم الراحمين؟
  وبعث محمد بن سليمان إلى رجل معتزلي ودعا بالسيف والنطع، فدخل وهو يضحك، فقال: أتضحك في هذه الحالة؟ فقال: يا محمد بن سليمان! أرأيت لو قام رجل في السوق فقال: إن محمد بن سليمان يقضي بالجور وبجمع بين الزانيين ويريد الفواحش، فاعترضه رجل فقال: كذبت بل يقضي بالحق و لا يريد الجور ولا يفعل الفواحش، فأيهما أحب إليك؟ قال: من دفع عني وأحسن الثناء علي. قال: فإذاً لا أبالي بالقتل بعدما أحسنت الثناء على رب العالمين. فانقطع ومن حوله من المجبرة، وقال محمد: اذهب فلا تذكر إلا بخير.
  وجاء رجل إلى منزل عبد الله بن داود، وكان غائباً، فلما رجع قال: كنت أصلح بين قوم. فقيل: أصلحت؟ قال: أصلحت إن لم يفسد الله!