رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

فصل

صفحة 56 - الجزء 1

  فقال واحد: كذبت! إن الله لا يفسد بل هو المصلح. أتحسن الثناء على نفسك وتسيء الثناء على ربك. فانقطع.

  قال داود الأصفهاني للموفق: قد أهلك الناس أبو مجالد. قال: قطعك أبو مجالد، الله تعالى أهلك الناس أو أبو مجالد؟

  ومرَّ مُعاذ بن مُعاذ بلص يُقطع، فالتفت إليه وقال: إنه لمظلوم، يخلق فيه السرقة ثم يؤمر بقطعه. قال عدلي: أما رضيت يا جاهل بأن أضفت السرقة إليه تعالى حتى نفيتها عن اللص، فأضفت إليه الأمر بالقطع على شيء فعله هو، ولو وصف بهذا قاض لكان سوء ثناء فكيف برب العالمين.

  وجاء خراساني إلى أبي الهذيل وسأله عن العدل، فقال: يا خراساني من جاء بك من خراسان؟ قال: الله. قال: فمن جاء باللص حتى قطع عليك الطريق؟ قال: الله. قال: فمن جاء بالسلطان حتى قطع يده؟ قال: الله. فإذاً الله فعل جميع ذلك حيث جاء بك من خراسان وجاء باللص ليذهب بمالك وجاء بالسلطان ليقطع يده، أهذا فعل حكيم؟ فانقطع وتاب.

  ودعا مجبر فقال: يا رب! أفسدتنا فأصلحنا. فقال عدلي: أسكت لا أم لك! هو المصلح.