الباب السادس في الاستطاعة
  الأنبياء من المجبرة ولا أحسن ثناءً على الشيطان منهم. قيل: ولِمَ؟ قال: يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ما ترك معصية قط قدر عليها ولا أتى طاعة قدر على تركها ولو قدر على المعاصي لكان أعصى خلق الله، وزعموا أن الشيطان لم يترك طاعة قدر عليها ولا أتى معصية قدر على تركها ولو قدر لكان أطوع خلق الله، فهذا ثناؤهم على الأنبياء وعلى الشيطان.
  وناظر معتزلي مجبراً فقال: الاستطاعة قبل الفعل. قال: ولِمَِ؟ قال: لقوله: {وَسَيَحلِفونَ بِاللَّهِ لَوِ استَطَعنا لَخَرَجنا مَعَكُم}[التوبة: ٤٢] ثم قال: {وَاللَّهُ يَعلَمُ إِنَّهُم لَكاذِبونَ}[التوبة: ٤٢] فكذبهم في قولهم، فلا يخلوا إما أن كانوا مستطيعين فلم يخرجوا أو ولو أعطوا [الاستطاعة] لم يخرجوا، وأي ذلك كان فالحجة قائمة. فانقطع المجبر. ثم قال: صدقوا! لو استطاعوا لخرجوا ولكن لم يعطوا القدرة. فقال المعتزلي: فما بال التكذيب؟ قال: لا أدري. قال: هذا كفر ورد لكتاب الله تعالى.
  وقال عدلي لمجبر: ما تقول في من لا يقدر على القيام، أيجوز له أن يصلي قاعداً؟ قال: نعم. قال: تقول في القاعد [أنه] يقدر على القيام؟ قال: لا. قال: أفيجوز له أن يصلي قاعداً؟ قال: لا. قال: ناقضت.
  ومر الواثق بيحيى بن كامل فقال: ألست الإمام؟ قال: بلى. قال: