رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الأول في ما صدر به الرسالة من الشكوى

صفحة 25 - الجزء 1

  جهاد الكفار وأرباب الضلال فمن أعظم الطاعات، قال الله تعالى: {وَجاهِدوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ}⁣[الحج: ٧٨]

  وهو من دعائم الإسلام وأركان الدين. وأما جهاد أهل البدع - وهم المجبرة والمشبهة - فمن أهم الأمور وفرض على الجمهور، وقد قال الله تعالى: {ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ}⁣[النحل: ١٢٥]، فلا فتنة أكبر من فتنتهم ولا ضلالة أعظم من ضلالتهم، حيث شبهوا الله بخلقه وأضافوا القبيح إلى صنعه، وقد بلغنا من رسول الله ÷ في ذم المبتدعة آثار جمة، فقال ÷ من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام، وقال لعائشة وقد سألته عن قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذينَ فَرَّقوا دينَهُم}⁣[الأنعام: ١٥٩] من هم؟ قال ÷: هم أصحاب البدع من هذه الأمة، يا عائشة! لكل ذنب توبة إلا أصحاب البدع فإنه ليست له توبة، أنا منهم بريء وهم مني براء. وأما جهاد أهل الكبائر فقوله تعالى: {وَأمُر بِالمَعروفِ وَانهَ عَنِ المُنكَرِ وَاصبِر عَلى ما أَصابَكَ}⁣[لقمان: ١٧]. والقوم حوله يبكون و إياي وإياكم يلعنون. فأخذني ما قرب وما بعد، لا أقدر على منع ولا أجد عوناَ على دفع.

  ولقد مررت بقاص منهم يقص و القارئ يقرأ: {وَيَومَ القِيامَةِ تَرَى