رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الأول في ما صدر به الرسالة من الشكوى

صفحة 26 - الجزء 1

  الَّذينَ كَذَبوا عَلَى اللَّهِ وُجوهُهُم مُسوَدَّةٌ}⁣[الزمر: ٦٠] وهو يقول: بلغنا عن الحسن وجماعة من العلماء أن قالوا: يؤتى بالشيطان يوم القيامة فيقال له: هلا سجدت إذ أمرت؟ قال: فيقول الشيطان ما قدرت عليه ولا مكنت منه وحيل بيني وبين السجود وخلق في الإباء، ولو خليت لسجدت. فيقال له كذبت بل من نفسك أتيت. فيقول لي شهود يشهدون على ما قلت، فينادي: أين شهود الشيطان و خصماء الرحمن؟ فيقوم جماعة من المجبرة فيقولون: صدق الشيطان، فيشهدون له، فيخرج من أفواههم دخان اسود تسود وجوههم ثم يبعث بهم معه إلى النار. وذكر عن علي # حديثاَ طويلاَ أن المجبرة خصماء الرحمن وشهود الشيطان وقدرية هذه الأمة ومجوسها. والقوم يرفعون أصواتهم باللعن علي وعليكم، ويقولون لعن الله الشيطان وأتباعه وأشياعه. فقال بعض المشايخ ممن كان معي: أيها الشيخ! إليك المشتكي في عظيم هذه البلوى، دبرنا في أمرهم. فقام معتزلي من الجن، فقال: التدبير هو الصبر أو القبر. ثم أنشأ يقول:

  رب من أشجاه ذكري ... وهو لم يخطر ببالي

  قلبه ملآن من بغـ ... ـضي وقلبي منه خالي

  لقد مررت بقاص من أصحابنا شيخ كبير وحوله جماعة من أصحابنا المجبرة وهو يقص، فقرأ قارئ قوله تعالى: {وَناداهُما رَبُّهُما أَلَم أَنهَكُما