من اسمه الحسن
  ومجموعين لطيفين في الرواة، وغير ذلك من الرسائل والفوائد والجوابات التي يصعب حصرها - كيف وهو قاموس التحقيق، والمتفرد بالنظر الدقيق مع نسك مرضي وخلق رضي، وسخاء شفي، ومشرب أهل الطريقة، وميل إلى سلك أهل الحقيقة، كثير الذكر والمناجاة، طويل الفكر والتألهات لا يفتر عن الطاعة، ولا يسئم عن الملازمة، مع رحب صدر وسلامة وتواضع مع الطلبة، وبشاشة ولين وخفض لسائر المؤمنين.
  بث دعاته رأس العشرين والثلاءءث المائة بعد الألف، وقيد دعوته بآخر جزء من إمامة المنصور، وظهوره يوم الأربعاء سابع عشر ربيع أول ثامن يوم من وفاة المنصور من (مسجد المزار) بوادي (فللة) سنة اثنين وعشرين وثلاءءثمائة وألف، وأجابه أهل القبلة علماؤها وساداتها وقبائلها إلا القليل، ونفدت أوامره إلى (الجوف)، وخطب له في كثير من البلدان، ووقع بينه وبين عمال المتوكل [٣٧ - أ] حروب كثيرة، ومعارك صعبة، ولم يزل النكث عليه ممن أجابه إلى أن أحاطت به الجنود وهو في (حصن أم ليلى) سابع عشر شهر ربيع أول، فخرج منها بعد أن خذله جميع من بايعه إلى (الحرجة) وذلك سنة ثلاءءثين وثلاءءثمائة وألف، ثم عاد إلى (وادي قراض) في شهر الحجة سنة ثلاءءث وثلاءءثين وثلاءءثمائة وألف، ولم يزل به غوثاً للورى، ومنهلاً للفقراء، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، متشدداً على الظلمة دائماً على التدريس إلى أن توفاه الله ليلة الإثنين خامس جمادى الأولى سنة ثلاءءث وأربعين وثلاءءث مائة وألف ووقع لموته هدة عظيمة، ورثاه العلماء بمراث كثيرة منها للمتوكل يحيى بن محمد [حميد الدين]:
  فالنوم منه عن الجفون بمعزل