شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

(سورة المائدة)

صفحة 165 - الجزء 1

  يؤخذ منها: انه لا ينبغي التجسس عن المنكرات الخفية، والبحث عن باطن حال من ظاهره، السلامة لغير موجب لذلك، وكذلك سؤال الضيف عن اصل الطعام، ومن اين دخل عليه، وكذا عن كل ما يشتريه من اسواق المسلمين وهل فيه نجاسة أو قد تنجس قبل ذلك، وغسيل غسلا مزيلا للنجاسة، ونحو ذلك، وفي الحديث عنه ÷: «إذا دخلت على اخيك المسلم فكل من طعامه ولا تساله واشرب من شرابه ولا تساله»، فأما بحث الحاكم عن حال الشاهد والبحث عن حال امام الصلاة، والمؤذن في بلد البغاة فلابأس بذلك، اما الاول فلتخريج في الحقوق واما الثاني فلانه سؤال عن خلاف الظاهر.

  {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} الآية، ويدخل في ذلك ما يلقى في الانهار، والطرق وقرب الاشجار، وطرح البيض، والفراريج ونحو ذلك، ولا يزيل ملك المالك عنه قال: ويحتمل أن يقال: قد رغب عنه وصبره مباحا انتهى. والظاهر عدم الاباحة اذ لم يبحه لكل من أراد، بل للجن في زعمه.

  {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآيه.

  هي الشهادة المعروفة وفيها دلالة على وجوب الاشهاد على الوصية، وهو كذلك حيث يتعلق بها حق للغير من قضاء دين اورد وديعة، أو نحو ذلك وقيل المراد بالآية: الوصاية والشهادة الحضور، وانما كانا اثنين مع صحة قول الوصي واحدا من باب التقوية، والاخذ بالاحوط، والسبب يدل على ذلك، فان عدي ابن زيد، وتميم ابن اوس النصرانيين، كانا وصيين لبديل بن ابن مريم على ما ذكره حين الوصية: فيه دليل على ان الوصية امر قد تقرر وجوبه وثبتت شريعته، وهذا الكلام فيه حيث كان عليه حق وله مال، وفي الحديث: «ما آمن من آمن بالله واليوم الآخر وله شيء يوصى فيه ان يبيت ليلة الا وصيته مكتبه تحت راسه».

  اما الفقير فلا يجب عليه وصية الا على ما ذكره أبو مضر.