شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

(سورة الانفال)

صفحة 189 - الجزء 1

  نفس الأمر على خلاف ذلك، ولا يجوز من الحكيم فعل مايؤدي الى القبح مع كون الاعتقاد مطلوبا له ههنا وايضا فان هذا يقدح في كون المشاهدة موجية للعلم، وجوابه اما قدحه في المشاهدة فغير صحيح، لان الله تعالى صرف الشعاع عن الكل الى البعض، ذلك البعض قليل وهو المشاهد واما كونه حاصلا على فعل اعتقاد الجهل وهو ان الجميع قليل فلا يسلم انه يحمل على ذلك لان تجويز ما ذكرناه من الصرف معجزة لرسول الله ÷ مانع مع القطع بان الجميع قليل وانما يحصل ظن غالب فقط ولا قبح فيه.

  {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} الآيه.

  دلت على عظم موقع الذكر حينئذ، وانه لا ينبغي ان يشغل عن ذكر الله بشيء من الحوادث وان عظمت، وقيل المراد الدعاء لانه قد ورد من مواطن الاجابة وقت التقاء الجيوش، وقيل هو الاستنصار بالله تعالى على العدو وفيه دلالة على انه ينبغى تعويل العبد على اعانة الله ونصره لاعلى ماعنده من العدة والعدد.

  {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} الآيه.

  دلت على تأكيد الالفة بين المؤمنين واجتماع قلوبهم، ولذلك شرع الصلح بين المتشاجرين، وحرمت المهاجرة بينهم كما تقدم، وقد امرنا بما يكون سبب الالفة من المداراة واحتمال الاذي، وكظم الغيظ، والمهاداة، واكرام الضيف واعطاء السائل والسعي في قضاء حاجة المحتاج، والشفاعة له، ورد السلام والمصافحة، وحسن الخلق، ومن ثمرة الاجتماع التعاون، والتناصح في الدين والتشاور في الأمر، والتفائر فى الطاعات، ولذلك قال ÷ «المؤمن مرآة اخيه»، وقال ÷ «المرء كثير باخيه»، وقال: إذا تواصل اهل البيت، وتحابوا اجرى الله عليهم الرزق، ولا تزال امتى بخير ما تحابوا وقد شرع الله الا جتماع في اليوم خمس مرات للصلوات، وفي الاسبوع مرة للجمعات