شافي العليل في شرح الخمسمائة آية من التنزيل،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

(سورة يوسف #)

صفحة 219 - الجزء 1

  وأما عليه تعالى: فجائز بل هو المشروع، كما قال أيوب، انى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين.

  {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ} دل على حسن المماكسة، بطلب الزيادة في البيع، والايفاء ونحو ذلك فيحمل قوله {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} على ذلك مع التغاضي عن حسن البضاعة وقيل بل الصدقة على أصلها، وكانت المسألة جائزة، منها احتج من قال ببقاء جوازها، وهو الذي صححه أبو جعفر، وروى عن ح وش.

  والاتفاق على جواز السؤال، للضرورة لنفسه أو لمن تلزمه نفقته، وكذا سؤال الامام، وعلى التحريم حيث فيه اهانة النفس، والخلاف فيماعدا ذلك.

  {إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ٨٨} دلت على أن الغنى لا ينافي القربة إذا حصل وجهها، فقد روى أنهم كانوا أغنياء.

  {وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} الآيه.

  فيه دليل على أنهما سيان في أنهما نعمة يجب الشكر عليهما، وقد تقدم في قوله تعالى {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} ذكر شيء من ذلك، وقال جرير في ذم البادية:

  أرض الفلاحة لو أتاها جرول ... أعنى الخطيئة لا أغتدى حراثا.

  ماجئتها من أي وجه جئتها ... الا حسبت بيوتها أجداثا.

  ولأهل البوادي غرام بحبها ... قال بعضهم وقد دخل الحضر.

  فاشتاق الى البادية:

  لعمري لأصوات المكاكي بالضحى ... وسحم ينادي بالعشى نواعبه.

  أحب الى من فراخ دجاجة ... صغار ومن ديك تنوس عبابه.

  ومثله قول آخر:

  فليت لنا بالجوز واللوز كمأة ... جناها لنا من بطن نخلة جان.