مما قاله السيد العلامة/ الحسن بن محمد الفيشي ¦
  قَامَ خَطِيبُ أَطْيَارِهَا، عَلى مَنَابِرِ أَشْجَارِها، فصَدَحَ بِفَصِيحِ أنْغَامِهِ، ونَثَرَ - على رُؤُوسِ أَوْلِيائِهِ وفِطَرِ أَعْدَائِهِ - بَلِيغَ سَجْعِهِ، وبَدِيعَ نِظَامِهِ، شعر:
  فَأَسْمَعَهُمْ قَوْلاً ألَذَّ من المنَا ... وأحْلى من الْمَنّ الْمُنَزَّلِ والسَّلْوَى
  مَرَامِي أَطْرَافِها مُرُوجٌ مُمْتِعَاتٌ، ومَسَارِحُ سَرْحِها هِضَابٌ مُخْصِبَاتٌ، وشَوَادِي بَلابِلِهَا هَوَاتِفُ جَاذِبَاتٌ، شعر:
  هَذِي الحَمَائِمُ في مَنَابِرِ أَيْكِها ... تُمْلي الهَوى والطَّلُّ يَكْتُبُ في الوَرَقْ
  والقُضْبُ تَخْفضُ للسَّلامِ رُؤُوسَهَا ... والزَّهْرُ يَرْفَعُ زَائِرِيهِ على الحَدَقْ
  بنَفْسَجُهَا يُرِيحُ الأَرْوَاحَ، وشَقَائِقُها مَرَاهِمُ تُدْملُ الجِرَاحَ، يا لَها مِنْ رِيَاضٍ أََرِيضَةٍ، وَجِنَانٍ عَرِيضَةٍ، شعر:
  أَيَا حُسْنَها رَوْضَةً قَدْ غَدَا ... جُنُونِي فُنُوناً بِأفْنَانِها
  أَتَى الْمَاءُ فيها عَلَى رَأْسِهِ ... لِتَقْبِيلِ أَقْدَامِ أَغْصَانِها
  تُنْهِلُ وتُعِلُّ، وتُسْنِدُ وتُرْسِلُ، تُورِدُ وتُصْدِرُ، وتُحْلِي وتُمِرُّ، نَاهِيكَ منها بِمُثِيرٍٍ للخَبَايا، كَاشِفٍ لما في الحَنايَا والزَّوَايا، فَاتِحٍٍ للبَراعِمِ، كَاشِفٍ لِوُجُوهِ التَّمائِمِ، جَالٍ لِصَدَاهَا عن الصَّادِحِ والبَاغِمِ.
  وكَيْفَ لا تَكُونُ كذلك وَمُبْدِعُها مَنْ لا يُشقُّ لَهُ غُبَارٌ، ولا يُوقَفُ له على عِثَارٌ، ولا تُطْمَسُ منه آثار، ولا تُعْكَسُ مُقَدّمَاتُه