الدرس الرابع والعشرون قصيدتان
  من يَدْر دَارَ فَدَار الناس محتسباً ... والجار أولى وإلا فاختر النقلا(١)
  والطبع كاللون كم خِلٍّ به خلل ... خلّ الشقاق تحْلى واهجر السُّفلا
  منهم ذئاب وكاليربوع أو سَبُع ... فثق رويداً فمن يغتر ما عقلا
  واقنع تُعَز ولا تطمع تُذل ولا ... تسأل تُهَن وسل مولاك لا الدولا
  كم بين شاكٍ إلى المخلوق حاجته ... ومحسن الظن فيمن فضله شملا
  لا ينفعون بشيء لا يكون وما ... في الكون يأتي إذا ما وقته وصلا
  رقّت رقابٌ لمولى المال كم خضعت ... برق المطامع ظلت تحته العقلا
  واللهِ مالكَ غير الله من أحد ... فحسبك الله لا يغني سواه ولا
  ولن يصيبَ سوى المكتوب فارضَ به ... لن يَعْدُ والمرءَ ما في اللوح قد نُقِلا
  وليس يعلم ما يأتي الزمان به ... إلا العليمُ وأما من سواه فلا
  مفاتح الغيب خمس عنده كُتمت ... محت كهانةَ من قد راقب الحَمَلا
  مع التوكل ما للنّجم من أثر ... فحسبك الله لا من ينتظر زُحَلا
  سبحان خارق العادات خالقها ... يدبِّر الأمر والدنيا اصبحت دُوَلا
  في كل يوم له شأن وكل فتى ... فانٍ ويصحبه في القبر ما فعلا
  يقلب الله أحوالاً أزمّتها ... خفيٌّ ألطافه سبحانه وعلا
  إن ناب أمر ففيه الخير عاقبة ... فاشكر لنعماه واصبر عند كل بلا
  لا تُبدِ سراً ولا فقراً ولا جِدَةً ... ومذهباً وابتلاءً والذهابَ إلى
  وبالقضا فارْض واحتل في الأمور وكن ... مشاوراً مُستخيراً قافياً رُسلا
(٢) يَدْر - بمعنى يعلم، فعليه أن يداري أموره، ولذا قال بعدها (فَدَارِ) فعل أمر، ومفعوله (الناس).