الدرس التاسع والعشرون الخوف والخشية ومقام الشاكرين
الدرس التاسع والعشرون الخوف والخشية ومقام الشاكرين(١)
  الحمد لله رب العالمين، المثيب لمن خافه واتقاه، والصلاة والسلام على سيد الرسل، وأعظم من خشي الرحمن من البشر، محمد ÷، وبعد:
  إن البشرية اليوم اقتصرت على الاهتمام بالجسم ووفرت له ما يحتاجه من الأغذية، والأطعمة المختلفة وبنت له المستشفيات ومصانع اللباس ووسائل النقل المختلفة، كما اقتصرت على الاهتمام بالعقل فبنت له المدارس، والجامعات، والمؤسسات، ووفرت له وسائل الإعلام، والنشر، والصحف، والمجلات، وأهملت جانباً مهماً في حياة الإنسان، جانباً من أهم الجوانب، إنه الجانب الروحي، الجانب الإيماني، الجانب النفسي، الذي بشر الله من اهتم به بالفلاح، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ٧ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ٨ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ٩ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ١٠}[الشمس].
  والجانب الروحي وتزكيته وتطهيره هو الهدف الأسمى، الذي من أجله أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢}[الجمعة].
  والإسلام الحنيف قد اهتم بجميع جوانب الإنسان، كل جانب بِقدَرِهِ، فالجانب الجسدي له مكانة في نظر الإسلام، والجانب المعرفي، والعقلي كذلك، ولكن الجانب الروحي يحتل الصدارة.
  إننا إذ نروي هذا الحديث النبوي الشريف لنعرف هذا المعنى بأجلى وضوح، فقد روي عن الرسول الأعظم ÷، أنه قال: «إنَّ في جسد ابن آدم بضعة إذا
(١) الدليل إلى الخوف والخشية من الجليل: ٥٥ - ٨٢.