هيئة التائب
  عن رحمة الله محجوب؟! وعلى حرِّ الوجه إلى النار مسحوب؟! فيا له من جسد متعوب! ودمع مسكوب! وقلب مكروب! وعقل مرعوب!
  يا أُخيَّ، والآن تعالى معي لنعرف أوصاف العبد العائد إلى مولاه، وشروط التائب والراجع إليه:
  شروطه: المحبة والطاعة، والإقبال والضراعة، من أراد الحبيب؟ جاء بقلب منيب، من اعترف وأقرَّ بما اقترف، واعتذر وأنصف، وبادر وعطف، وتاب وأكثر الانتحاب، وعمل بالصواب، وتبع آيات الكتاب.
  أين التوبة؟ يا صاحب الحوبة، أين الاستغفار؟ يا أهل الإصرار، أين الوجل؟ يا أهل الزلل، أين الضراعة؟ يا أهل الطاعة، توبوا وأنيبوا، ولا تسوِّفوا فتخيبوا واعتذورا واستغفروا وازدجروا، وتذللوا واعترفوا واعتبروا، واخضعوا وانكسروا، واصبروا على الطاعة، تدركوا الفوز والنفاعة، ارغبوا وتقربوا، واندموا على المعاصي ولا تصروا: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٣١}[النور].
  أين المؤمنون؟ أين الموحدون؟ أين {الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ}[التوبة]. كيف ينامون ولا يشتاقون؟!
  {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ}[آل عمران: ١٣٣]. قصورها من الذهب والجوهر، والياقوت الأخضر، فيها الحور الحسان، والأكاليل والتيجان، تجري من تحتها الأنهار، لباس أهلها الحرير والسندس والعبقري، أين الراغبون؟ أين المجتهدون؟ هذه دار لا تخرب ولا يفنى شبابها، ولا تُبْلى ثيابها، هذه دار المجتهدين ما هم عنها بمخرجين، دارٌ أهلها لا يَشقَون، ولا يفتقرون ولا يحزنون، ولا يمرضون ولا يموتون، ولا يهرمون ولا يحتاجون.
هيئة التائب
  العزم على أن لا يعود، إلى عصيان المعبود، ويأسف على ما اقترف، ويندم على ما أسلف، ويرجع مما عرف، يندم بالقلب، على ما قدم من الذنب، يرجع إلى