الدرس الخامس والعشرون في محراب الابتهال (1)
الدرس الخامس والعشرون في محراب الابتهال (١)
  الحمد لله رب العالمين، القائل سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ٦٠}[غافر]، والصلاة والسلام على أفضل الذاكرين محمد صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
  إن الدعاء ذكر عظيم لله سبحانه، يغرس في أعماق المؤمن مجموعةً كثيرةً من المعاني، تعجز أحياناً المعارف عن غرسها، وهو علامة على توحيد الله، والإيمان به، والتوكل عليه، والثقة الكاملة به سبحانه، كما هو دليل على حاجة العبد وعبوديته، وهو مخ العبادة، وأساس السعادة، وهو سلاح المؤمن.
  هذا هو الدعاء، وذكر الله عموماً سمةٌ من سمات الشخصية الربانية الرسالية، وصفة تحتاج لمجاهدة وتربية، حتى تصبح من مكوناته، فالذكر يمد الإنسان بالطمأنينة والاستقرار، ويدفعه للبذل والعطاء، ويمنحه القدرة الكافية على مواجهة الضغوط والتحديات أيّاً كانت، ويعينه على الطاعات بشوق العابد العارف، ويحجزه عن المعاصي.
  قد يتصور البعض - وهو تصور خاطئ - بأن الذكر أو كلمة الذكر، تعني لعاباً يسيل، وسُبْحةً تصتكُّ بقوة، وانزواءً رهيباً، وأصواتاً مرتفعة أو منخفضة هنا وهناك.
  ليس الذكر مجرد كلمة لا تحرك فؤاداً، ولا يَرقى بها سلوك، ولكن الذكر عبادة، وتعبير عن مشاعر الإجلال والتعظيم للخالق سبحانه وتعالى.
  ولا شك أن الذاكرين لله يتفاوتون نشاطاً وكسلاً، وتكلفاً وترحيباً، فما جاء من الذكر مستكملاً لمواصفات القبول كان أبلغ في أثره، وأنجح في أداء دوره، وأقرب إلى أن يؤتي ثماره.