حال أهل النار في النار
  قال المسيح #: (ذكر الخالدين قطَّع قلوب الخائفين). وقال ثابت البناني: بلغني: (أنه ما من قوم جلسوا فيقومون قبل أن يسألوا الله الجنة، ويتعوذوا بالله من النار، إلا قالت الملائكة: مساكين أغفلوا العظيمين).
  فكيف بك لو نظرت اليهم وقد اسودت وجوههم أشد سوادٍ من الحميم، وأعميت أبصارهم، وأبكمت ألسنتهم، وقصمت ظهورهم، وكسرت عظامهم، وجدعت آذانهم، ومُزّقت جلودهم، وغلّت أيديهم الى أعناقهم، وجمعت بين نواصيهم وأقدامهم، وهم يمشون في النار على وجوههم ويطؤون حسك الحديد بأحداقهم، فلهب النار سارٍ في بواطن أحداقهم، وحيات الهاوية وعقاربها متشبثة بظواهر أعضائهم فهذه جملة أحوالهم على جهة الإجمال فيما يتصل بهم من النكال.
حال أهل النار في النار(١)
  إن كل ألوان العقاب، وكل أصناف البلايا لا تساوي شيئاً أمام عذاب جهنم، يقول الإمام الصادق #: «إن أهون الناس عذاباً يوم القيامة لرجل في ضحضاح من نار عليه نعلان من نار وشراكان من نار يغلي منها دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن في النار أحداً أشد عذاباً منه، وما في النار أحد أهون عذاباً منه» وروي: «إن الشمس صخرة واحدة من صخور جهنم».
  والمتأمل يجد إن درجة حرارة الشمس تقدّر على سطح الشمس بنحو ستة آلاف درجة مئوية وتقدّر درجة حرارتها في باطن الشمس بعشرين مليون درجة مئوية والحديد كما هو ثابت في علم الفيزياء ينصهر ويذوب عند درجة ألف وخمسمائة درجة مئوية.
  فإذا كان الحديد مع صلابته وقوته يذوب عند درجة ألف وخمسمائة درجة
(١) الدليل إلى الخوف والخشية من الجليل: ٢٥ - ٤٧.