[الحاجة إلى الإمام في العقليات]
  ذلك، ولأن التكليف لازم مستقيم عندنا، وعندهم لكل مكلف بالشرع والعقل مع غيبة الإمام، ولا قائل بسقوطه عن العقلاء فلو كان وجوده يجب في ذلك لأظهره اللَّه تعالى لأن حكمته توجب إزاحة العلة عن المتعبدين كما قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، وليس في الوسع العلم بمدلول الدليل مع عدم الدليل.
  [و](١) أما قولهم: إن الطريق إلى الإمامة العقل فغير مسلم بذلك، ولا دليل لهم عليه لأنهم يقولون: إن الناس مع وجود الرئيس المهيب أنقاد إلى الحق، وألزم للأحكام، وقد يعلم خلاف ذلك فإنه لارئيس أعظم رئاسة من علي بن أبي طالب # فإن الدماء المسفوكة في أيامه لم يسفك مثلها قبله #، ولا بعده، مائة ألف قتيل في الجمل، وصفين خارجاً عن قتلى النهر(٢)، ووقع من التنازع والتهارج مالا يقادر قدر قدره.
  وسكن الناس في أيام معاوية سكنة حقنت فيها الدماء إلا مالا يعتدُّ به في جنب مامضى، فأما أن قدر الأمر بظهور رئيس على الجميع، ولا يتمكن أحد من نزاعه لسبب من الأسباب فذلك صحيح لكنه لايوجد في الأنبياء $، ولا الأئمة لأن النزاع في أيامهم معلوم ضرورة، وكما يجوز ذلك يجوز أن الناس متى سكنوا، وتناصفوا كان أصلح لهم من الرئيس لأنه يدعي عليهم البينوية فيدخل في قلوبهم حبَّ الرئاسة، وعصبية المنافسة فيفسد عليهم ما كان صالحاً باستوائهم.
  ولأنَّا نعلم استمرار أمور التكليف عموماً، ولزومه بحيث لايحتاج إلى أمرٍ آخر
(١) سقط من (ب).
(٢) في (ب): النهروان.