[أصولهم في الإمامة والغيبة]
  أمارته أن لا تكون ولادته معلومة، ولما مات الحسن بسامراء يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين، وأرادوا قسمة ميراثه أخوه جعفر، ومن يرث معه، وادعت نرجس الحمل، أو أدعي لها عُدِّلت أربع سنين عدّلها إسماعيل بن اسحاق عند القاضي ابن أبي الشوارب، فلما تعذر تصحيح الحمل أخذ جعفر الميراث ومن يرث معه، بلا خلافٍ في هذه الجملة التي هي التعديل، واقتسام الميراث عند أحد ممن علم موت الحسن بن علي على الحال التي ذكرنا، وإنما قال بعضهم أنها ولدت في خفية، ورفع الله تعالى ذلك الولد، ومنهم من قال: أسرَّته مخافة الأعداء عليه، واحتالت في كتمانه إلى غير ذلك من التخمينات الخارجة عن المعلوم، ومن الإمامية من رجع عن هذه المقالة، ومنهم من تحيَّر لا يدري ما يقول، ومنهم من صمَّم وقال بالغيبة، وروى فيها أحاديث.
[أصولهم في الإمامة والغيبة]
  وأصول مذهبهم إن الإمامة تجب عقلاً وإن الحاجة إلى الإمام ماسّة في الدين والدنيا، وإنه بمنزلة اللطف، ومنهم من قال: بمنزلة التمكين، ومنهم من قال بمنزلة المسهل، ومنهم من قال منبه، ومنهم من قال مبين إلى غير ذلك، مما سنذكره إن شاء الله تعالى، ولا يجوز تعري العقلاء منهم عن التكليف في دار الدنيا، والتكليف مداره على الإمام كما قدمنا وهم لا ينازعوننا إنه لا إمام موجود يشافهه المكلفون ولا يراسلونه من ثلاثمائة وأربعين سنة(١)، فلا يخلو إما أن التكليف ساقط عن المكلفين من ذلك اليوم إلى يومنا فلا قائل به، وأما أن التكليف يحسن مع فقد اللطف والتمكين والتسهيل والتبيين على اختلاف قولهم فيه، وهم لايقولون بذلك والدليل يمنع منه، ولأنهم لم يجعلوه بمثابة اللطف والبيان إلى سائر ما قالوه إلاَّ ليبينوا
(١) أي إلى عصر المؤلف من زمن الحسن بن علي العسكري، وإلى عصرنا الحاضر، وإلى ما شاء الله.