العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[اختلاف الناس في الإمامة]

صفحة 42 - الجزء 1

  هو المنذر، والهادي هو الإمام القائم من ذريته سلام الله عليهم [أجمعين]⁣(⁣١)، وقد ذكرنا وذكر من تقدمنا من آبائنا $، وفرسان علماء أهل الإسلام، في العدل والتوحيد، وما يتبعهما من الوعد والوعيد، والنبوة والإمامة ما يشفي صدور الطالبين، وينفع غلة الراغبين، فمن طلب ذلك فهو موجود، وحوضه للراغبين طفحان مورود، لا يوجد عنه مُجلأ، ولا مصدود.

[اختلاف الناس في الإمامة]

  وكان اختلاف الناس في الإمامة وهي من أهم مسائل الأصول القافي مسائل العدل والتوحيد؛ لأن الإمامة وراثة النبوة، وعليها مدار الأعمال الشرعية؛ لأن الأئمة هم القادة إلى الله والدعاة إليه، قال الله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}⁣[الإسراء: ٧١] وقال الله تعالى في إبراهيم: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}⁣[البقرة: ١٢٤]، فصحح الإمامة لمن كان غير ظالم من ذريته، وقد قال سبحانه: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}⁣[الزخرف: ٢٨]، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}⁣[السجدة: ٢٤] وقال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}⁣[النساء: ٥٩]، وأولو الأمر هم الأئمة بالإتفاق، وقال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}⁣[المائدة: ٣٨]، وقال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}⁣[النور: ٢]، وقد وقع الإجماع من علماء المسلمين كافة أن هذه الحدود لا يقيمها إلاَّ الأئمة، أو النائب من قبلهم، وإن وقع الخلاف في أعيان الأئمة، وقال تعالى: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ ...}⁣[الأحقاف: ٣١] الآية فدل على أن هناك داعياً ولا داعي تجب إجابة


(١) زيادة في (ج).