العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[شبهة وجود الإمام يجري مجرى البيان والرد عليها]

صفحة 386 - الجزء 1

  الآفاق أمره، وله العلوم الجمة، ثم قام بعده ولداه، ثم توارث الأمر في قطر واسع من إقليم اليمن أولاده، وجماعة من ولد القاسم بن إبراهيم # إلى يومنا هذا سنة عشر وستمائة، وقيام الهادي # كان سنة اثنتين وثمانين ومائتين، ما غلب ولد القاسم بن إبراهيم # على هذا القطر غالب، ولا سلب ملكهم منه سالب.

  فهلا كان إمام الإمامية بهذه المنزلة، وكانت له هذه القوة، ولا سيما وهو بمنزلة البيان كما ذكروا، ولأن القاسم بن إبراهيم # كانت بيعته قد انعقدت على كثير من الناس في أكثر البلدان، وصحَّ لأرباب سرير الملك ببغداد أمره، ولم يخف عنهم خبره، فلما لم يتأت له القيام بالأمر لزم جبل الرس، ودعاؤه إلى اللَّه مستقيم، وعلومه منتشرة في الآفاق، والمسائل ترد إليه، والأجوبة تصدر عنه لكل سائل، والعباسية تحاوله بكل وجه فما تمكنوا من استئصاله، ولا اغتياله، وراموا موادعته، وبذلوا له الأموال الجليلة فكره ذلك، ورد المال بعد أن وصل إليه [الجزوى]⁣(⁣١)، فلامه أهله في ذلك، فقال #:

  تقول التي أنا ردء لها ... وقى للحوادث دون الردى

  ألست ترى المال منهله ... محارم أفواهها باللهى

  فقلت لها وهي لوامَّةٌ ... وفي عيشها لو صحت ماكفى

  كفاف امرئٍ قانع قوته ... ومن يرض بالقوت نال الغنى

  فإني ومارمت من نيله ... بذلك حب الغنى ما ازدهى

  كذي⁣(⁣٢) الداء هاجت له شهوة ... فخاف عواقبها فاحتمى

  ولم يسالم القوم حتى لقي اللَّه سبحانه، وهو في نهاية المنابذة لهم، وهم في


(١) في نسخة: الحروى، وفي (ج): المروي.

(٢) في (ج): كذا.