وأما تعريفه
  عند غير المازني(١)؛ لأن التعريف بالموصولية أيضا يأتي للاستغراق نحو: أكرم الذين يأتونك إلا زيدا، هكذا ذكره الشارح المحقق وفيه نظر؛ لأن اسم الموصول لا يستعمل إلا في فرد معين من المعلوم بالصلة، فالصاغة استعملت في الجماعة المعينة التي هي صاغة بلده أو مملكته لا في مفهوم معرف بتعريف جنسي من حيث التحقق في ضمن أفراد بمعونة القرينة من غير إشارة إلى تعيين الأفراد، فتأمل إن كان لك دقة نظر يعينك إلى إدراك وطر، فلا ترتيب في أنه لا معنى لجريان الأقسام الأربعة في تعريف الموصول، والشارح المحقق جعل كون اللام في اسم فاعل أو مفعول لم يقصد به الحدوث حرف تعريف اتفاقا كاللام في الصفة المشبهة استنباطا من مقتضيات كلامهم حقيقي نحو: {عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ}(٢) أي:
  كل غيب (وعرفى نحو جمع الأمير الصاغة) جمع صائغ (أي صاغة بلده أو مملكته) هو بفتح الميم واللام أو ضم الميم: عز الملك وسلطانه على ما في القاموس، والمراد هنا: ما في تصرف الملك من البلاد وإرادة صاغة البلد إذا كان المراد بالأمير أمير البلد والمملكة إذا كان أمير بلاد، وفسر الشارح المحقق الحقيقي:
  بالشمول لكل ما يتناوله اللفظ بحسب اللغة، وكأنه أراد أعم من التناول بحسب المعنى المجازى أو الحقيقي والعرفي بالشمول لما يتناوله اللفظ بحسب متفاهم العرف هذا؛ والتعرف إذا أطلق يراد به العرف العام فيتجه أنه يبقى الشمول شرعا واصطلاحا واسطة، وأن الظاهر لغو وعرفى إذ لا تقابل بين الحقيقي والعرفي، وفسر في شرح المفتاح والسيد السند أيضا الحقيقي بما كان شموله للأفراد على سبيل الحقيقة بأن لا يخرج فرد، والعرفي بما يعد شمولا في عرف الناس، وإن خرج عنه كثيرون من أفراد المفهوم. هذا ولا يخفى عليك أن التقسيم إلى الحقيقي والعرفي لا يخص الاستغراق بل هو تخصيص من غير مخصص، إذ إتيان المعرف باللام أيضا لواحد مبهم يكون عرفيا وحقيقيا، إذا دخل السوق عرفى، إذ المراد سوق من أسواق البلد لا أسواق الدنيا، بل الإشارة إلى الحقيقة من حيث هي هي أيضا كذلك؛ لأنك ربما تقول في بلد: البطيخ خير من العنب؛ لأن بطيخه خير من عنبه، فالإشارة في كل من البطيخ والعنب إلى جنس خاص منهما بمعونة العرف؛
(١) المازني: أبو عثمان بكر بن محمد بن حبيب المازني، أحد أئمة النحو، ولد بالبصرة وتوفي فيها عام ٢٤٩ هـ.
(٢) الرعد: ٩، الحشر: ٢٢.