الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم،

العصام الأسفراييني (المتوفى: 945 هـ)

فصل ينبغي للمتكلم أن يتأنق في ثلاثة مواضع

صفحة 530 - الجزء 2

  مبتدأ محذوف، أو مبتدأ خبره محذوف، أو فاعل فعل محذوف (أي الأمر هذا أو هذا كما ذكر) أو معنى هذا أو مفعول فعل محذوف أي: خذ هذا.

  (و) قد ويكون الخبر مذكورا مثل (قوله) تعالى حيث ذكر جمعا من الأنبياء وأراد أن يذكر عقيبه الجنة وأهلها ({هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ})⁣(⁣١) ولا يخفى أن التصريح بالخبر في بعض المواضع دون باقي الاحتمالات يرجح احتمال حذف الخبر.

  وقال ابن الأثير: لفظ (هذا) في هذا المقام من الفصل الذي هو أحسن من الوصل، وهي علاقة وكيدة بين الخروج من كلام إلى كلام آخر، ثم قال: وذلك من فصل الخطاب الذي هو أحسن موقعا من التخلص، وكقوله: ما ذكر كلمة ثم للتفاوت بين الكلامين، ومثله فصل الكلام عن سابقه بقولك: أعلم.

  (ومنه) أي من الاقتضاب الذي يقرب من التخلص (قول الكاتب: هذا باب) فإن فيه نوع ارتباط حيث لم يبتدئ الحديث الآخر فجأة، ومن هذا القبيل لفظ: أيضا في كلام المتأخرين من الكتاب.

[ثالثها: الانتهاء]

  (وثالثها: الانتهاء) أي ثالث المواضع الانتهاء (كقوله) أي قول أبي نواس في الخصيب على وزن الحسيب ابن عبد الحميد: ([وإنّي جدير إذ بلغتك بالمنى]) أي جدير بالفوز بالأماني ([وأنت بما أمّلت منك جدير] [فإن تولّني]) أي تعطني [منك الجميل فأهله وإلا فإنّي عاذر] عن منعك أو عن سؤالي [(وشكور)]⁣(⁣٢) لما صدر عنك من سوابق العطايا، والإصغاء إلى المديح، والتحايا.

  (وأحسنه) أي أحسن الانتهاء (ما أذن بانتهاء الكلام كقوله) أي العربي:

  (بقيت بقاء الدّهر يا كهف أهله ... وهذا دعاء للبريّة شامل)⁣(⁣٣)

  لأن بقاءك سبب لكون البرية في أمن ونعمة وصلاح الحال، أو المعنى: وهذا دعاء لا يخصني، بل يشاركني فيه جميع البرية.


(١) ص: ٤٩.

(٢) البيتان في الإيضاح لأبي نواس: ٣٧٣. إن تولني: إن تمنحني.

(٣) البيت في الإيضاح: ٣٧٤، وينسب للمعري أو المتنبي. الكهف هنا: الملجأ والملاذ.