وأما وصفه
  أو كثيرا على حسب القرائن، ولا يجب لدفع الإشكال حمل التنوين على ما يجعل به المصدر نوعا كما يشعر به بيان الشارح بل رب مقام يكون التنوين فيه للوحدة فيجعل المفعول المطلق للعدد، قال الشارح المحقق: وكما أن التنكير لإبهامه يفيد التعظيم والتحقير كذلك لفظ البعض قال اللّه تعالى: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ}(١) أفاد نبينا صلوات اللّه وسلامه عليه بلفظ البعض إعلاءا لقدره، ونقول هذا كلام ذكره بعض الناس تحقيرا لشأن البعض، وقد يقصد به التقليل نحو كفانا بعض اهتمامه.
[وأما وصفه]
  (وأما وصفه) أي جعله موصوفا بإيراد نعت له، ذكر التوابع على طبق ما يذكر في الكلام إذا اجتمعت، قال الرضى: بدئ بالنعت ثم بالتأكيد ثم بالبدل ثم بالمنسوق ولم يذكر البيان لكمال التباسه بالبدل حتى قال: لم يظهر لي إلى الآن فرق بين بدل الكل وعطف البيان، والحق أنه بدل الكل كما هو ظاهر كلام سيبويه وقال الشارح المحقق: بدئ بالوصف لكثرة وقوعه واعتباراته، وإنما تكون هذه النكتة سرية لو كانت مرعية في ذكر التوابع كلها (فلكونه) أي: كون الوصف بمعنى النعت، فالأوضح عبارة المفتاح فلكون الوصف (مبينا له كاشفا عن معناه) بين بقوله كاشفا عن معناه ما أراد بقوله مبينا له من بيان معناه دون نفسه فجعل عبارة الحكم مثالا له وهذا من البدائع التي قصده بعض أهل الأدب حتى جعل كتابا في النحو كذلك بتمامه والمتبادر من المعنى هو المطابقي لكن لا ينبغي أن يحمل عليه؛ لأن الوصف الكاشف ربما يكشف عن معنى مجازى مراد، فالمراد: بالمعنى المقصود لكن أعم من المقصود لذاته؛ إذ ربما يحتاج المعنى الأصلي للفظ الكناية إلى كشف، لينتقل منه إلى المقصود لذاته ولا يجب في الكشف أن يبلغ الغاية حتى يكون مظهرا للنكتة أو مميزا له عن جميع ما عداه، بل ربما يكون الكشف بوجه أعم، وقول المفتاح: كشفته كشفا كأنك جردته إنما هو تحقيق المثال لا وضع الضابط (كقولك: الجسم الطويل العريض العميق يحتاج إلى فراغ يشغله) كل من الأوصاف الثلاثة وصف كاشف يبين الجسم بوجه والمجموع وصف كاشف بالغ مرتبة الحد إما لجعلها بمنزلة وصف واحد بمعنى الممتد في
(١) الأنعام: ١٦٥.