أحوال المسند إليه
  الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}(١) فالنزاع فيها إما بالمعارضة أو النقض بأن يقال: لا يفيد الاستغراق للتنافي بين الاستغراق وإفراد الاسم، أو لو صح الدليل المذكور للزم تحقق المتنافيين أولا ثم توقف صحة الاسثناء على الاستغراق؛ لأنه يستحيل الاستغراق في المفرد، وبهذا تبين أن حق ما ذكره من الجواب أن يذكر متصلا بقوله وقد يفيد الاستغراق نحو {إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ} يثبت الاستغراق ويستحق أن يذكر تقسيمه وحكمه وتحقيق الجواب المشار إليه بقوله (ولا تنافي بين الاستغراق وإفراد الاسم) أي: كون الاسم مفردا مستدعيا للوحدة أو إفراد يفيده الاسم، فالإفراد بمعنى الوحدة كما سيأتي في قوله:
  وأما تنكيره فللإفراد (لأن الحرف) أي حرف التعريف الذي يكون إفادة الاسم الاستغراق بعد دخوله، وتفسيره بالحرف الدال على الاستغراق كما في الشرح ينافي ما حقق أن مدلول الحرف ليس إلا التعريف، والاستغراق إنما يجئ من القرينة، وذكر الحرف تغليب، والواضح أن الاسم إنما يعتبر مفهومه في ضمن جميع الإفراد مجردا عن معنى الوحدة، كيف وتنافي الاستغراق لا يختص استغراق المعرف باللام بل يجرى في المضاف والموصول والمضاف إليه كل أيضا (إنما يدخل عليه) أي على الاسم المفرد وفيه أن الإشكال لا يخص المفرد؛ لأنه يتجه على قولك: ما جاءني رجال وما جاءني رجلان أيضا؛ لأن رجالا يدل على جماعة واحدة، والاستغراق يوجب تعدد الجماعة المقصودة أو على الاسم المفيد للإفراد والوحدة وحينئذ يتناول الجمع والتثنية فهذا التوجيه مرجّح فاحفظه (مجردا) اسم فاعل حال من ضمير الحرف أو اسم مفعول حال من ضمير الاسم (عن معنى الوحدة) أنه يجعل الاسم بمعنى الحقيقة من حيث هي هي بحيث لا وحدة فيها ولا تكثر، بل هي قابلة لكل منهما فيضم الكثرة معها بقرينة الاستغراق، فإن قلت: هذا ظاهر في قولك «الرجل» لخلوه عن التنوين الدال على الوحدة، وأما في قولك ما جاءني رجل أو رجال فمشكل لوجود الدال على الوحدة.
  قلت: التنوين له دلالتان: دلالة على التمكن أو دلالة على الوحدة فإذا لم تصح الوحدة تحمل على التمكن كتنوين زيد، نعم التنوين في الاسم الغير المتمكن
(١) العصر: ٢، ٣.